منتديات الايمان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
البوابةالتسجيلأحدث الصوردخولالرئيسية

 

 ثورةُ الدُموع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أميرة الجليد
عضو نشيط
عضو نشيط
أميرة الجليد


انثى
عدد الرسائل : 40
العمر : 29
رقم العضوية : 27
دولتى : ثورةُ الدُموع 3dflagsdotcom_moroc_2fawm
تاريخ التسجيل : 28/12/2007

ثورةُ الدُموع Empty
مُساهمةموضوع: ثورةُ الدُموع   ثورةُ الدُموع Emptyالسبت يناير 19, 2008 7:10 pm

كُنْتُ جَالِساً لِوحدي أَتأَمّلُ في أَحْداثِ التأريخِ ، فَإِذا بالتأريخِ يَفتَحُ أَمامِي سَتائِرَهُ ، سِتارَةً بعدَ أُخرى ، حَتّى وَجَدْتُ نَفْسِي أَدْخُلُ بِنايَةً تَخْتَلِفُ فِي طرازِها عَنْ بِناياتِ هذا العَصْرِ ، فَوَقَفْتُ مَذْهُولاً لِما أُشاهدُهُ أَمامِي ، رِجالٌ يَرتَدُونَ الزيَّ الإسلامِيَّ ، وَتَتَعالى مِنْ أَفْواهِهِمْ قَهقَهاتُ ضِحكٍ عاليةٌ ، وتُدارُ بَينَهُمْ كؤوسُ الخَمْرِ ، وتَصْخَبُ المُوسِيقى فَتَتَمايَلُ الراقصاتُ على أَنْغامِها بِحَركاتٍ مُغْرِيَةٍ للغايَةِ .


وَرَغْمَ ارتِفاعِ أصْواتِ الضَحِكِ وَصَخَبِ المُوسِيقى والغِناءِ ، إِلاّ إنّي سَمِعْتُ صَوتَ بُكاءٍ ونَحِيبٍ يَنْسابُ إلى مَسامِعي ، فَخَرَجْتُ لأتَعَرَّفَ عَلى ذلِكَ الشخْصِ ، وَأَقِفُ عَلى سَبَبِ بُكائِهِ .


وَإِذا بِي أُشاهِدُ شَيْخاً يَسيِرُ على جانبٍ من الطريق بِالقُربْ منّي ، وهُوَ يُتَمتِمُ قائِلاً : تَبَّاً لَكُمْ أَيُّها الأمَوِيُّونَ وَسُحقاً ، أَيُّ عَصْرٍ هذا الذِي تَسُودُهُ الانْحِرافاتُ فِي الدِينِ وَالأَخلاقِ وَالآدابِ ، وَيَسُوسُهُ حُكّامٌ ظالِمونَ طُغاةٌ لا يَفْقَهُونَ مِنَ الدِينِ إِلاّ اسْمَهُ ، وَلاَ يَعْرِفُونَ مِنَ الحَقِّ إلاّ رَسْمَهُ .

حَتّى وَجَدَ الإنسانُ مِنّا نَفْسَهُ يَعِيشُ فِي خِضَمِّ مَعارِكٍ طاحِنَةٍ تَخُوضُها الحَركاتُ والتيّاراتُ السياسيةُ والاجتماعِيةُ الَتي تَتَّخِذُ مِنَ الإسلامِ سِتاراً لها ، وهِيَ أَقلُّ ما تَتَّصِفُ بهِ اللؤُمُ والدَهاءُ ، الشخْصِيةُ الإنسانيةُ فِي عَالَمِنا أَصَبَحَتْ تَفْتَقِدُ إِلى صَفائِها ونَقائِها وَطُهْرِها .

فَقَدْ كَثُرَ الرِياءُ وتَفَشَّى النِفاقُ ، وأَصْبَحَتِ المسؤوليةُ ثَقِيلَةً عَلى عاتِقِ المُؤْمِنِينَ الرساليِّينَ .

فَتَقَدَّمتُ مِنْه قائِلاً : مَعذِرَةً يا شَيخُ ، أَنا لاَ أَفْهَمُ مَا يَحْصُلُ أَمامِي ، إِنّي شَاهَدْتُ بَعْضَ الرِجَالِ الذِينَ يَظْهَرُونَ بِالزيِّ الإسلامِيِّ ، وَلكِنْ لِلأَسَفِ الشدِيدِ تَصرُفاتُهُمْ تَدُلُّ على أَنَّهُمْ يَعِيشُونَ فِي زَمنِ الجاهِلِيةِ .

فَانْفَجَرَ الشيخُ باكِياً وَهُوَ يَصْرَخُ قائِلاً : أَلَمْ تَسمَعْ عَن الأمَويّين ؟! صَمَتَ بُرهةً يَتَأَمَّلَنِي ، ثُمّ أَرْدُفَ قائِلاً : مَعْذِرَةً يا بُنيَّ ، يَبْدُو أَنَّكَ مِنْ زَمَنٍ غَيرَ زَمَنِنَا ! .


فَقلْتُ لَهُ مُبتَسِماً : لا بأسَ عَليكَ يا شَيخُ ، إِذا كُنْتَ لا تُطيقُ الإِجابَةَ عَلى سُؤالِي فَهَلْ يُمكِنُ لَكَ أنْ تُعرِّفَنِي بِذلِكَ الرَجُلُ الذِي يَملاَُ المَدينَةَ مِنْ حَولِنا بُكاءً وَنَحِيباً ؟

فَتَنَهَّدَ قَائِلاً : ذلِكَ الرجُلُ يا بُنيَّ هُوَ الإمامُ عليٌّ بنُ الحسينِ السَجّادِ ( عليهما السلام ) ، وَهُوَ مِنْذُ واقِعَةِ الطَفِّ عَلى هذِهِ الحالَةِ .

فَقُلْتُ مُنْدَهِشاً : وهَلْ سَيَقْضِي الإمامُ السَجّادُ ( عليه السلام ) حَياتَهُ بالبُكاءِ عَلى مُصِيبةِ وَالِدِهِ الإمامِ الحُسينِ ( عليه السلام ) ؟! إِذَنْ ما هُوَ دَورُه إِزاءَ هذِهِ الأَحْداثِ كَوْنَهُ إِماماً مَعْصوماً تَقَعُ عَلَيهِ مَسؤُولِيةُ الحِفاظِ عَلى رسالةِ جَدِّهِ رَسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) .

وَفِي هذِهِ الأَثْناءِ وَجَدْتُ الشَيخَ يَرفَعُ يَدَهُ فِي وَجْهِي قائِلاً : لا يا وَلَدِي ، يَجِبُ أَنْ لاَ تَشُكَّ أَبداً في دَورِ الإِمامِ السَجّادِ ( عليه السلام ) .

لأَنَّ مَا جَاءَ فِي الرِسالةِ الُمحمّدِيّةِ الأصِيلَةِ لاَ يُمْكِنُ أنْ تَتَجَسَّمَ كامِلُ أَفعالِهِ فِي شَخْصِ أَيِّ إِنسانٍ ، مَهْما يَكُنْ سِوى فَي أَهلِ بَيتِ النُبُوَّةِ ( عليهم السلام ) .

فَهُمْ مَعْدِنُ الرِسالَةِ ، وَمَهْبِطُ الوَحي ، ومُخْتَلَفِ الملائِكَةِ ، بِهِمْ فَتَحَ اللهُ ، وبِهِمْ يَخْتِمُ .

وَبُكاءُ الإمامِ السِجّادِ ( عليه السلام ) يا وَلَدِي لَيسَ فقط لِما حَصَلَ لِوالِدِهِ الإِمامِ الحُسينِ ( عليه السلام ) وَلأهل بَيتِهِ ( عليهم السلام ) مِنْ مَصائِبَ وفَواجِعَ فِي يومِ العاشرِ مِنْ مُحَرَّمِ ، وَإِنّما هُوَ يَبكِي لِيُذَكِّرَ الناسَ بِأَهمِّيّةِ الأسْبابِ التِي دَعَتِ الإمامَ الحُسينَ ( عليه السلام ) إلى تِلْكَ التَضْحِيَةِ الكَبِيَرةِ التِي نَتَجَ عَنْها استِشْهادُهُ ، واستِشْهادُ أَوْلادِهِ وإخْوَتِهِ ، وأَبناءِ إِخْوَتِهِ وأَصْحابِهِ ، وسَبْيُ نِسائِهِ ، فِي ثَورةٍ أرادَ بِها إِيقاظَ الضَمِيرِ الإِنسانيِّ ، وَتَوعيةَ العَقْلِ المُفَكِّرِ .

فَمَا بُكاءُ الإمامِ السَجّادِ ( عليه السلام ) إِلاّ ثَورةٌ مُكَمِّلَةٌ لِثَورَةِ أَبِيهِ الإمامِ الحُسَينِ ( عليه السلام ) ، يُرِيدُ بِها إِيقاظَ عَواطِفِ النَاسِ وضَمائِرِهِمْ ، وتَذكيرَهُمْ بما قَدَّمَهُ وَالِدُه الإمامُ الحسينُ ( عليه السلام ) .

بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَ الأمويونَ يَجُرُّونَ النَاسَ إِلى مَجالِسِ اللهْوِ والرَقْصِ ، والغِناءِ والخَمْرِ ، والناسُ يَنْساقُونَ مُتَناسِينَ بِذلِكِ ما ضَحّى بِهِ الإمامُ الحُسينُ ( عليه السلام ) مِنْ أَجلِهِمْ .

لِهذا وَجَدَ الإمامُ السجّادُ ( عليه السلام ) أَنَّ مِنْ واجِبِهِ إِصلاحَ ما أَفْسَدَهُ الأُمَويُونَ فِي رِسالةِ جَدِّهِ رَسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، وأَرادَ بِذلِكَ إِكمالَ الطَرِيقِ الذِي رَسَمَهُ وَالِدُهُ سَيّدُ الشُهداءِ ( عليه السلام ) .

فَهْوَ حِينَ يَبكِي عَلى المصائبِ العَظِيمَةِ التِي حَدَثَتْ فِي يَومِ العاشِرِ مِنْ مُحَرَّمِ يُريدُ بِذلِكَ تَذكِيرَ النَاسِ بِهذِهِ الفاجِعَةِ المُؤْلِمَةِ التِي حَفِظَ مِنْ خِلالَها وَالِدُهُ الإمامُ الحُسينُ ( عليه السلام ) المبادئَ الإِسلاميّةَ الأصِيلَةَ ، وَعَلَّمَهُمْ كَيفِيَةَ الدِفاعِ عَنْها والتَضْحِيَةَ مِنْ أَجلِها ، لأَنَّ فِيها كَرامَتَهُمْ وَشَرَفَهُمْ وآخِرَتَهُمْ .

وَلِذلِكَ فَالإِمامُ السَجّادُ ( عليه السلام ) حَتّى عِنْدَما يَخْرُجُ إلى السُوقِ فَيشاهِدُ قَصّاباً يَذْبَحُ خَروفاً يَسأَلَهُ عَمّا إذا كانَ قَدْ سَقى الخَروفَ ماءً قَبلَ أَنْ يَذْبَحَهُ أَمْ لا ، فَيُجِيبَهُ القَصّابُ بِأَنَّهُ لا يَذْبَحُ خَروفاً حَتّى يُسْقِيهِ ماءً .


وهُنا يُحَدِّقُ الإِمامُ السجّادُ ( عليه السلام ) فِي وُجُوهِ الجُمُوعِ مِنَ النَاسِ ، لِيَقُولَ لَهُمْ : ( انْظُروا : الكبشُ لا يُذْبَحُ حَتّى يُسْقى الماءَ ، وَأَبي الحُسينُ ( عليه السلام ) ذُبِحَ عَطْشاناً دُونَ أنْ يُسقى مِنَ الماءِ ) .

ويُرِيدُ ( عليه السلام ) بِذلِكَ أَنْ يُبَيِّنَ لِلناسِ تِلْكَ الظُروفَ القاسِيَةَ التِي استُشْهِدَ فِيها الإمامُ الحسينُ ( عليه السلام ) ومَنْ مَعَهُ مِنْ أَهلِ بَيتِهِ وأَصحابِهِ .

وهُناكَ طَرِيقَةٌ أُخرى يُحاوِلُ مِنْ خِلالِها الإمامُ السجّادُ ( عليه السلام ) أَنْ يُبَيِّنَ لِلناسِ حَقِيقَةَ ما يَجْرِي حَولَهُمْ ، فَيقُولُ : ( إذا رَأيْتُمُ الرَجُلَ قَدْ حَسُنَ سَمتُهُ وتمادى في مَنطِقِهِ وتَخاضَعَ فِي حَركاتِهِ ، فَرُوَيْداً لا يَغُرَّنَّكُمْ .

فَما أَكثرَ مَنْ يُعْجِزُهُ تَناوُلُ الدُنيا ، ورُكوبُ الحَرامِ مِنْها لِضَعْفِ نِيّتِهِ ومَهانَتِهِ وجُبْنِ قَلْبِهِ ، فَنَصَبَ الدينَ فَخّاً لها ، فَهُوَ لاَ يَزالُ يَخْتَلُ بِظاهِرِهِ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ حَرامٍ اقْتَحَمَهُ ، وإِذا وَجَدتُمُوهُ يَعِفُّ عَنِ المالِ الحرامِ فَرُوَيْداً لا يَغُرَّنَّكُمْ .

فإنّ شَهَواتِ الخلقِ مُختلِفةٌ فما أكْثرَ مَنْ يتأبّى عنِ الحَرامِ وإنْ كَثُرَ ، ويحْمِلُ على نفسِهِ شَوْهاءَ قَبيحةٍ فَيأتي فِيها مُحَرَّماً .

ولا يَغُرَّنَّكُمْ الرَجُلُ حتّى تَنْظُروا عُقْدَةَ عَقْلِهِ ، فَما أَكْثَرَ مَنْ تَرَكَ ذلِكَ أَجْمَعَ ثُمَّ لا يَرجِعُ إِلى عَقلٍ مَتِينٍ فَيكونَ ما يُفسِدُهُ بِجَهْلِهِ أكثَر مِمّا يُصْلِحُهُ بِعَقْلِهِ .

فَإِذا وَجَدتُمْ عَقْلَهُ مَتِيناً فَرُوَيْداً لا يَغُرَّنَّكُم حَتّى تَِنْظُروا أَيكونُ هَواهُ عَلى عَقْلِهِ ، أَمْ يَكونُ عَقْلُهُ عَلى هَواه ، وَكَيْفَ مَحَبَّتُهُ لِلرِئاسَةِ الباطِلَةِ وَزُهْدُه فِيها ، فَإِنَّ فِي الناسِ مَنْ يَتْرُكُ الدُنْيا لأجْلِ الدُنيا ، وَيَرى أَنَّ لَذّةَ الرِئاسَةِ الباطِلَةِ أَفْضَلَ مِنْ رِئاسَةِ الأمْوالِ والنِّعَمِ المُباحَةِ الُمحلَّلَةِ .

فَيَتْرُكَ ذلِكَ طَلباً لَها حَتّى إِذا قِيلَ لَهُ : ( اتّقِ الله ) أَخْذَتْهُ العِزّةُ بِالإِِثْمِ ، فَحَسْبُهُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المِهادِ ، فَهْوَ يَتَخَبَّطُ بِشَكْلٍ عَشوائيٍّ يَقُودُهُ طَلَبُهُ إلى الخَوضِ فِي طُغيانِهِ ، فَيُحِلُّ ما حَرَّم اللهُ ويُحرِّمُ ما أَحَلَّ ، لا يُبالِي بِما فاتَ مِنْ دِينِهِ إذا سَلِمَتْ لَهُ الرِئاسَةُ ) .

فقلت : مَعنى هذا أَنَّ الإِمامَ السَجّادَ ( عليه السلام ) حِينما وَجَدَ أَنَّ الظُروفَ غَيْرَ مُناسِبَةٍ للقيام بِأَيِّ عَمَلٍ عَسكَرِيٍّ ، استَخْدَمَ أُسلُوباً فِي الإِِصلاحِ وَتَوْعيةِ الناسِ ، لِيَقِفَ بِهِمْ فِي مُواجَهَةِ الحُكْمِ الأُمَويِّ بَعْدَ أنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ إِسقاطِ الأََقْنِعَةِ التِي تُغَطّي سِياسَةَ هذا الحُكْمِ .

فَتَهَلَّلَ وَجْهُ الشَيْخِ فَرَحاً وَهُوَ يقولُ لِي : نَعَمْ ، هذا ما أَرَدْتُ تَوْضِيحَهُ لَكَ مِنْ خِلالِ حَدِيثي مَعَكَ .

فَالإِِمامُ السَجّادُ ( عليه السلام ) يُريدُ تَوسِيعَ القاعِدةِ الشيعيّةِ المُوالِيَةِ لأََِهلِ البَيْتِ ( عليهم السلام ) عَنْ طَرِيقِ إِثارَةِ عَواطفِ الناسِ ، وَمِنْ ثَمَّ السعْي بِها إِلى وَلاءٍ حقيقيٍّ فعّالٍ يستَطيعُ مِنْ خِلالِهِ رَفْعَ المُستَوى العَمَلِيِّ للحِفاظِ على رِسالةِ جَدِّهِ رَسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، بَعْدَ أنْ يَكونَ قَدْ خَلَقَ قِياداتٍ فَكْرَيةً مُتَمَيِّزَةً تَحْمِلُ الفِكْرَ الإسلاميَّ الصَمِيمَ .

لِذلِكَ فهُوَ ( عليه السلام ) دائِماً يُقِيمُ مَجالِسَ العَزاءِ فِي بَيتِهِ لِتَبقى ذِكْرى الإمامِ الحُسينِ ( عليه السلام ) وأَهلِ بَيتِهِ وَأَصْحابِهِ خَالِدَةً فِي ضَمِيرِ الأُمَّةِ .

وهُناكَ أُسلُوبٌ آخَرٌ يِتَّبِعَهُ الإِمامُ السجّادُ ( عليه السلام ) وهوَ الدُعاءُ ، فالدُعاءَ يَحْمِلُ وَجْهاً عِبادِيّاً ، وآخَرَ اجتماعيّاً ، ويَسيرُ مَعَ مَسارِ الحَركَةِ الإِِصلاحِيَّةِ التِي يَقُودُها .

وَدُعاءُ الإِمامِ السجّادِ ( عليه السلام ) يَمْنَحُنا مُحتوىً رُوحيّاً واجتِماعيّاً مُتَعَدِّدَ الجوانِبِ .


فَهُوَ بِالإِِضَافَةِ إلى كَونِهِ يُعَلِّمُنا كَيفِيَّةَ تَمجِيدِ اللهِ وَتَقْديسِهِ ومُناجاتِهِ والانْقِطاعِ لَهُ والتَوبَةِ إِليهِ ، ويُعلِّمُنَا كَذلِكَ أُسلوبَ البِرِّ بِالوالدَينِ ، فَيَشْرحَ لَنا حُقُوقَ الوالدِ عَلى وَلَدِهِ وَبالْعَكْسِ ، وحُقوقَ الجِيرانِ ، وحُقوقَ المُسلِمِينَ بَعضِهِمْ على بَعْضٍ فِي كافَّةِ الَمجالاتِ .

وَقَدْ اتَّخَذَ الإِمامُ السجّادُ ( عليه السلام ) مِنَ المَسْجِدِ النّبوي الشَرِيفِ وَمِنْ دارِهِ المُبارَكَةِ مَجالاً خَصْباً لِنَشْرِ المَعرِفَةِ الإِِسلامِيّةِ ، وَإنْ شاءَ اللهُ سَوْفَ يَتَخَرَّجُ مِنْ تَحْتَ يَدِهِ الكرِيمَةِ قادةٌ يُعتمَدُ عَليهم فِي المُستَقْبَلِ .


وبَعْدَ أنْ انْتَهى الشَيخُ مِنْ كلامِهِ ابتَسَمْتُ في وَجْهِهِ قائلاً : شُكراً جَزِيلاً لَكَ يا شَيخيَ الجليلَ ، لَقَدْ قَدَّمْتَ لِي فِكْرَةً رائِعَةً عَنْ مَسارِ الحَرَكَةِ الإِِصلاحِيَّةِ لِلإِِمامِ السجّادِ ( عليه السلام ) .

كانَتْ رِحلَةٌ مُمتِعَةٌ قَضَيتُها بَينَ أَحداثِ التارِيخِ ، وَكَأَنّي كُنْتُ أَعْيشُ فِي ذلِكَ الزَمَن .

بَعْدَها رُحْتُ أُواصِلَ مُتابَعَةَ الأحداثِ عِبْرَ صَفَحاتِ ذلِكَ التَاريخِ وأَنا أَتساءَلُ : هَلْ استَطاعَ الإِمامُ السَجّادِ ( عليه السلام ) أَنْ يُحقِّقَ ما كانَ يَصبُو إِليهِ ؟ نَعَمْ .

فَقَدْ أَصْبَحَ الإِمامُ السَجّادِ ( عليه السلام ) يَتَمَتَّعُ بِشَعْبِيَّةٍ هائِلَةٍ ، بَعْدَ أَنْ نَالَ بِعِلْمِهِ وعبادَتِهِ إِعجابَ الناسِ ، وَقَدْ بَهرَهم بِصَبْرِهِ وَحِلْمِهِ ، واحتَلَّ قُلوبَهُمْ وعَواطِفَهُمْ بِكَرَمِهِ وَإِحْسانِهِ .

فَصارَ السعيدُ مِنْهُمْ مَنْ يَحْظى بِرُؤْيَتِهِ ، ويَتَشَرَّفُ بِمقابَلَتِهِ والاستماعِ لِحدِيثِهِ ، فَشَقَّ ذلِكَ عَلى الأمَوِيّينَ ، وأَقَضَّ مَضاجِعَهُمْ ، لا سِيّما الوليدُ بنُ عبدِ المَلِكِ .

فَقَدْ كانَ هذا الخَبِيثُ منْ أَعظَمِ الحاقِدِينَ على الإمامِ السَجادِ ( عليه السلام ) ، وَقَدْ كانَ يُرَدِّدُ بِغَضَبٍ شَدِيدٍ : لا راحةَ لي وعليٌّ بنُ الحُسينِ مَوجُودْ في دارِ الدُنيا .

فَجأةً ، وإذا بالإِِمامِ ( عليه السلام ) يَتَلَوَّى في فِراشِهِ والسُمُّ يَتَفاعَلُ فِي بَدَنِهِ ، فَتَتزايَدُ عَلَيْهِ قَسْوةُ الآلامِ ، لَقَدْ فَعَلَها ذلِكَ الخَبِيثُ الملعونُ الوليدُ ابنُ عَبدِ الملك ، فَسَخَّرَ مَنْ يَدُسُّ السُمَّ لِلإِِمامِ السَجادِ ( عليه السلام ) .

وبَعْدَ أَنْ هرعَ الناسُ لِعيادَةِ الإِمامِ السجادِ ( عليه السلام ) وَجَدُوهُ يَدعُو اللهَ تَعالى ، ويَحْمَدُهُ ويُثْنِي عَلَيْهِ ، وهُوَ يُعانِي مِنْ شِدَّةِ الآلامِ وَقَساوَتِها .


وَقَدْ بَقيَ عَلى هذا الحالِ بِضْعَةَ أيامٍ حَتى استُشْهِدَ ( عليه السلام ) في الخامِسِ والعِشرينَ مِنْ المُحرمِ الحَرامِ سَنَةَ خَمسٍ وتِسعِينَ مِنَ الهِجْرَةِ الشَرِيفَةِ ، وقَدْ كانَ عُمرُهُ الشَرِيفُ سَبْعاً وخَمسِينَ سَنَةً .

مركز آل البيت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ثورةُ الدُموع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الايمان :: 
المنتديات الأدبية
 :: منتدى القصة
-
انتقل الى: